وجهَّز نورُ الدين العسكر مع شيركوه، وأنفق فيهم المال، وأعطى شيركوه مئتي ألف دينار، سوى الثياب والدواب وغير ذلك، والأسلحة، وأرسل معه عدة أمراء، منهم: ابن أخيه صلاح الدين يوسفُ بنُ أيوب على كُره منه.
أحبَّ نور الدين مسيرَ صلاح الدين، وفيه ذهابُ الملك من بيته، وكره صلاحُ الدين المسيرَ، وفيه سعادتُه وملكُه، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ}[البقرة: ٢١٦].
ولما قرب شيركوه من مصر، رحل الفرنج من ديار مصر على أعقابهم إلى بلادهم، فكان هذا لمصر فتحاً جديداً، ووصل أسدُ الدين شيركوه إلى القاهرة في رابع ربيع الآخر، واجتمع بالعاضد، وخلع عليه، وعاد إلى خيامه بالخلعة العاضدية، وأجرى عليه وعلى عساكره الإقامات الوافرة.
وشرع شاوَرُ يماطل شيركوه فيما كان بذله لنور الدين من تقرير المال، وإفراد ثلثي البلاد له، ومع ذلك، فكان شاورُ يركب كل يوم إلى أسد الدين شيركوه، ويَعِده، ويمنيه، {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}[النساء: ١٢٠]، ثم إن شاور عزم على أن يعمل دعوة لشيركوه وأمرائه، ويقبض عليهم، فمنعه ابنه الكامل بن شاور من ذلك.
ولما رأى عسكر نور الدين في شاور ذلك، عزموا على الفتك بشاور، واتفق على ذلك صلاح الدين يوسف، وعز الدين جرديك، وغيرهما، وعَرَّفوا شيركوه بذلك، فنهاهم عنه، واتفق أنَّ شاورَ قصدَ