الأكراد، وكانا قصدا العراق، وخدما مهروز شحنة السلجوقية ببغداد، وجعل مهروزُ شيركوه مستحفظاً قلعة تكريت، ثم خدما عمادَ الدين زنكي، ثم ولدَه نور الدين محمود، وبقيا معه إلى أن أرسل شيركوه إلى مصر مرة بعد أخرى حتى ملكها، وتوفي في هذه السنة - على ما ذكرناه -.
ولما توفي شيركوه، كان معه صلاحُ الدين يوسفُ ابنُ أخيه أيوبَ ابنِ شادي، وكان قد سار معه على كره.
قال صلاح الدين: أمرني نور الدين بالمسير مع عمي شيركوه، وكان قد قال شيركوه بحضرته في: تجهزْ يا يوسفُ، فقلت: والله! لو أُعطيت ملكَ مصر، ما سرت إليها، فلقد قاسيت بالإسكندرية ما لا أنساه أبداً، فقال لنور الدين: لا بدَّ من مسيره معي، فأمرني نورُ الدين، وأنا أستقيل، فقال نور الدين: لا بدَّ من مسيرك مع عمِّك، فشكوتُ الضائقة، فأعطاني ما تجهزتُ به، فكأنما أُساق إلى الموت (١).
فلما مات شيركوه، طلب جماعة من الأمراء النورية التقدم على العسكر، وولاية الوزارة العاضدية، منهم: عين الدولة الياروقي، وقطب الدين ينال المنبجي، وسيف الدين عليُّ بنُ أحمد المشطوب الهكاري، وشهاب الدين محمود الحازمي، وهو خال صلاح الدين، فأرسل العاضد، [و] أحضر صلاح الدين، وولاَّه الوزارة، ولقَّبه: الملك الناصر، فلم يُطعه الأمراء المذكورون، وكان مع صلاح الدين الفقيهُ عيسى الهكاري،
(١) انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (١٠/ ١٧).