للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسعى مع المشطوب حتى أماله إلى صلاح الدين، ثم قصد الحازمي، وقال: هذا ابنُ أختك، وعزُّه وملكُه لك، فمال إليه - أيضًا -، ثم فعل بالباقين كذلك، فكلهم أطاع، غير عين الدولة الياروقي؛ فإنه قال: أنا لا أخدم يوسف، وعاد إلى نور الدين بالشام، وتثبت قدمُ صلاح الدين على أنه نائبٌ لنور الدين، يخطب له على المنابر بالديار المصرية.

وكتب إليه نورُ الدين يعنفه على قبول الوزارة بدون مرسومه، وأمره أن يقيم حساب الديار المصرية، فلم يلتفت الناصر لذلك، وكان نور الدين يكاتب صلاحَ الدين بالأمير الأسفر سلار، ويكتب علامته على رأس الكتاب؛ تعظيماً عن أن يكتب اسمه، وكان لا يفرده بكتاب، بل إلى الأمير صلاح الدين وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا وكذا.

وأرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أباه أيوبَ وأهلَه؛ ليتم له السّرور، وتكون قضيته مشاكلة لقضية يوسف الصديق - عليه السلام -، فأرسلهم إليه نور الدين، فوصل والده إليه في جمادى الآخرة، سنة خمس وستين وخمس مئة، وسلك مع والده من الأدب ما جرت به عادته، وألبسَه الأمرَ كله، فأبى أن يلبسه، وقال: يا ولدي! ما اختارك الله لهذا الأمر إلا وأنت كفؤ له، ولا ينبغي تغيير موضع السعادة، فحكَّمه في الخزائن كلها، ولم يزل وزيراً حتى مات.

وكان من إخوة صلاح الدين: شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وهو أكبر من صلاح الدين، فلما أراد أن يسيره إلى مصر، قال له نور الدين: إن كنت تنظر إلى أخيك أنه يوسف الذي كان في خدمتك وأنت