تقدم في ترجمة أخيه العادل، وفي ترجمة بني أيوب: أن الناصر داود صاحبَ الكرك اعتقله بالكرك، واستمر في الاعتقال إلى أواخر رمضان، سنة سبع وثلاثين وست مئة، ثم أفرج عنه، واجتمعت عليه مماليكه، وكاتبه البهاء زهير، وسار الناصر داود وصحبته الملك الصالح إلى قبة الصخرة ببيت المقدس، وتحالفا على أن تكون ديار مصر للصالح أيوب، ودمشق والبلاد الشرقية للناصر داود، ولم يف له بذلك، وكان يتأول في يمينه أنه كان مُكْرَهاً.
ثم سار إلى غزة، فلما بلغ الملكَ العادل صاحبَ مصر ذلك، عظُم عليه وعلى والدته، وبرز على بلبيس بعسكر مصر، واستنجد بعمه الصالح إسماعيل المستولي على دمشق، فسار إليه بعساكر دمشق، فبينما الناصرُ داود، والصالحُ أيوب في هذه السنة، وهما بين عسكرين قد أحاطا بهما، إذ ركب جماعة من المماليك الأشرفية، ومقدمهم أيبك الأسمر، وأحاطوا بدهليز الملك العادل أبي بكر بن الكامل وقبضوا عليه، وجعلوه في خيمة صغيرة، وعليه من يحفظه، وأرسلوا إلى الملك الصالح أيوب يستدعونه، ففرح بذلك فرحاً لم يسمع بمثله، وسار إلى مصر، وبقي يلتقي الملكَ الصالح في كل يوم فوجٌ بعد فوج من الأمراء والعساكر، وكان القبض على العادل ليلة الجمعة، ثامن ذي القعدة، سنة سبع وثلاثين وست مئة.
ودخل الملك الصالح أيوب إلى قلعة الجبل يوم الأحد بُكرة، لستٍّ بقين من الشهر المذكور، وزُينت له البلاد، وفرح الناس بقدومه.