ولما استقر في السلطنة، خاف الناصر داود أن يقبض عليه، فطلب دستوراً، وتوجه إلى بلاده الكرك، وكذلك خاف الصالح إسماعيل من ابن أخيه الصالح أيوب.
وفي سنة إحدى وأربعين وست مئة: اتفق الصالح إسماعيل المستولي على دمشق مع الناصر داود صاحب الكرك، واعتضدا بالفرنج، وسلَّما إلى الفرنج طبرية، وعسقلان، فعمر الفرنج قلعتهما، وسلما - أيضًا - إليهم القدس بما فيه من المزارات.
قال القاضي جمال الدين بن واصل: ومررت إذ ذاك بالقدس متوجهاً إلى مصر، ورأيت القُسوس قد جعليوا على الصخرة قناني الخمر للقربان، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلما دخلت سنة اثنتين وأربعين وست مئة: استدعى الملك الصالح أيوب - رحمه الله تعالى - الخوارزمية؛ لينصروه على عمه الصالح إسماعيل، فكان المصاف بين عسكر مصر، ومعهم الخوارزمية، وبين عسكر دمشق، ومقدَّمهم الملكُ المنصور إبراهيم بن شيركوه صاحبُ حمص، ومعهم الفرنج وعسكرُ الكَرَك، ولم يحضر الناصر داود ذلك.
والتقى الفريقان بظاهر غزة، فولَّى عسكرُ دمشق وصاحبُ حمص إبراهيمُ والفرنجُ منهزمين، وتبعهم عسكر مصر والخوارزمية، فقتلوا منهم خلقاً كثيراً.
واستولى الملك الصالح أيوب صاحب مصر على غزة، والسواحل، والقدس الشريف - ولله الحمد -، ووصلت الأمراء والرؤوس إلى مصر،