أيضًا في الأسر، ثم تخلص، ثم وصل من القاهرة تغري بردي نائب دمشق، وبقية النواب إلى محل ولاياتهم، والأمراء والأجناد، لما تحققوا رحيل تمرلنك وعساكره من البلاد الشامية.
وفي يوم السبت السادس والعشرين من ذي القعدة أخذ تمرلنك بغداد، وكان قد وصل إليها في أواخر شوال، وحاصرها إلى أن أخذها، وبذل السيف فيها ثلاثة أيام، يقتلون الرجال، ويأسرون النساء والصبيان، ثم بعد ثلاثة أيام رسم تمرلنك لقومه أن يأتيه كل واحد برأس، فشرعوا في قتل الأسارى ومن وجدوا، فأحضروا نحو مئة ألف رأس، فلما حضرت الرؤوس، بنوها مواذن نحو الأربعين، وثبتوها بالحجارة والآجر، وجعلوا الرؤوس دائرة عليها، ثم أمر بهدمها، فهدمت، وخربوا كثيرًا من بغداد.
وكان أصل تمرلنك المذكور من سمرقند، ولد بضواحي كش من أعمال سمرقند، مسيرة يوم عنها، وقيل: كان أبوه أحد وزراء تلك البلاد، فنشأ لبيبًا حازمًا جَلْدًا، وصار معه رفقة له يقطع الطريق، وجاءه سهم في رجله، وآخر في كتفه، فبطل نصفه، ولم يزل تتنقل به الأحوال إلى أن استولى على مملكة خراسان، ثم قصد سجستان وأخربها؛ بحيث لم يُبق بها حجرًا ولا مدرًا، ثم استولى على عراق العجم، وقتل في ساعة واحدة من ملوك العجم سبعة عشر نفسًا، واستولى على بلاد فارس، ثم قصد مدينة أصفهان، وهي من أكبر المدن، فقاتله أهلها، فقتل في يوم واحد منهم نحو مئة ألف، أو يزيدون، وجمع الأولاد في مكان، وداسهم