أقبردي الدوادار الكبير: أن الأمير تمراز يطلع إلى القلعة للسلام على السلطان، ويأخذ ولد السلطان، وينزل به إلى الحراقة بباب السلسلة، وأن الدوادار الكبير يركب بعد الصلاة، ويفتح له باب السلسلة، فبلغ ذلك الأمير قانصوه خمس مئة ومَنْ معه، فركبوا جميعًا من الميدان الذي عند بركة الناصرية، وترتبوا طلبًا بعد طلب، ومعهم عامة مصر، وحملوا على باب السلسلة، فرمي عليهم من القلعة، فتوجه منهم فرقة من باب القرافة، وكسروا باب الميدان، ونزلوا من السبع حدرات، فوجدوا الأمير تمراز أمير كبير وهو جالس بالحراقة، فأمسكوه وضربوه، ووضعوه في الحديد، وفتح باب السلسلة، ودُقت الكُوس، وأشيع أن ولد السلطان قد تسلطن، واستمر القتال بينهم إلى المغرب من يوم الجمعة.
فلما كان يوم السبت، سادس عشرين ذي القعدة، أصبح الناس، فوجدوا الدوادار الكبير قد اختفى هو ومن معه، ولم يُعلم خبرهم، وكان قد بنى برجًا على الرميلة، فرُمي عليه وهُدم، ونُهب بيته في لحظة، حتى لم يبق فيه شيء من المال، ولا من الأسلحة، ولا من الخيول، فقيل: إن الذي أُخذ له يساوي ألف ألف دينار، غير الغنم والبقر والجمال.
ثم في اليوم المذكور، وهو يوم السبت جلس أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو العز عبد العزيز بن يعقوب العباسي - أعز الله به الدين -، وقضاة القضاة الأربعة بالديار المصرية، وهم: شيخ الإسلام زين الدين أبو محمد زكريا الأنصاري الشافعي، وشيخ الإسلام ناصر الدين أبو الخير محمد الأخميمي الحنفي، وشيخ الإسلام تقي الدين أبو الفضل