أقبردي الدوادار، ونهب منزله، فكان آخر كلامه: لا إله إلا الله، أَخْرَبوا المملكة.
فلما كان آخر نهار الأحد، قبل المغرب بنحو ثلاث درج، توفي الملك الأشرف قايتباي - رحمه الله تعالى -، وفي بكرة يوم الاثنين، ثامن عشري ذي القعدة، غُسِّل، وصُلي عليه، ودفن بتربته التي أنشأها بالصحراء، وكان يوماً مشهوداً لجنازته، وامتد الخلق من باب المدرج إلى تربته، حتى قيل: إنه لم يُر لأحد جنازة مثل هذه من بعد جنازة الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -.
ومات وله خمس وسبعون سنة؛ فإن مولده في سنة ست وعشرين وثمان مئة، ودخل إلى القاهرة في سنة ثمان وثلاثين وثمان مئة، فاشتراه الملك الأشرف برسباي، وكان من مماليكه، ثم انتقل إلى ملك الملك الظاهر جقمق، وأعتقه، فنسب إليه، وكانت سلطنته في يوم الاثنين، سادس شهر رجب الفرد سنة اثنتين وسبعين وثمان مئة، فكانت مدة سلطنته من حين ولايته إلى حين ولاية ولده الملك الناصر محمد المشار إليه تسعاً وعشرين سنة، وأربعة أشهر، وعشرين يومًا، وكان جلوسه على سرير الملك في ضحى يوم الاثنين المذكور، ونزوله إلى قبره في ضحى يوم الاثنين.
وكان شيخاً طُوالاً، أبيض اللون، حسن الشكل، فصيح اللفظ، وكان من معتبري ملوك الديار المصرية، وله شهامة وحرمة وافرة عند ملوك الأرض، وتوفي وهو على ذلك، والمأمول من كرم الله وعفوه أن