وكان يتكلم بكلام أوجبَ الإنكارَ عليه، منه: أنا الحق، وقوله: ما في الجبة إلا الله، والإطلاقات التي ينبو السمع عنها وعن ذكرها، واعتذر عنه أبو حامد الغزالي في "مشكاة الأنوار"، وحمل هذه الألفاظ على محامل حسنة، وأَوَّلها، وقال: هذا كله من فرط المحبة، وشدة الوَجْد.
وكان جده مجوسيًا، وصحب أبا القاسم الجنيد ومَنْ في طبقته، وأفتى كثير من علماء عصره بإباحة دمه، وكان قد جرى منه كلام في مجلس حامد بن العباس وزير الإمام المقتدر، ثم إن الوزير رأى له كتابا: أن الإنسان إذا أراد الحج، ولم يمكنه، أفرد من داره بيتًا نظيفًا من النجاسات، ولا يدخله أحد، وإذا حضرت أيام الحج، طاف حوله، وفعلَ ما يفعله الحجاج بمكة، ثم يجمع ثلاثين يتيمًا، ويعمل أجودَ طعام يمكنه، ويطعمهم في ذلك البيت، ويكسوهم، ويعطي كل واحد سبعة دراهم، فإذا فعل ذلك، كان كمن حج، فأمر الوزير بقراءة ذلك قدام القاضي أبي عمرو، فقال القاضي للحلاج: من أين لك هذا" قال: من كتاب "الإخلاص" للحسن البصري، فقال القاضي: كذبتَ يا حلال الدم، قد سمعناه بمكة، وليس فيه هذا، وطالب الوزير القاضيَ أبا عمرو أن يكتب خطه بما قاله: أنه حلال الدم، فدافعه القاضي، فألزمه الوزير، فكتب بإباحة دم الحلاج، وكتب بعده من حضر المجلس، فلما سمع الحلاج ذلك، قال: أيحلُّ لكم دمي، وديني الإسلام، ومذهبي السنة، ولي فيها كتب موجودة؟ فاللهَ اللهَ في دمي.