للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وغلب عليه الأدبُ ونظمُ الشعر، وأخذ الناس عنه نظماً ونثراً، وأدباً وفضلاً، غير أنه كان فيه تِيهٌ وتعاظمُ، وكان لا يخاطب أحداً إلا بالكلام العربي.

وقال الشيخ نصر الله بن مجلِّي - وكان من ثقات أهل السنة -: رأيت في المنام عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فقلت له: يا أمير المؤمنين! تقتحمون (١) مكة، فتقولون: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ثم يتمُّ على ولدك الحسينِ يومَ الطفِّ ما تم؟ ! فقال لي: أما سمعت أبيات ابنِ الصيفي في هذا؟ فقلت: لا، فقال: اسمعها منه.

ثم استيقظت، فبادرت إلى دار حيصَ بيصَ، فخرج إليَّ، فذكرت له الرؤيا، فشهق، وأعلن بالبكاء، وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي إلى أحد، وإن كنت قد نظمتها إلا في ليلتي هذه، ثم أنشدني:

مَلَكْنَا فَكَانَ العَفْوُ مِنَّا سَجِيَّةً ... فَلَمَّا مَلَكْتُمُ سَالَ بِالدَمِ أَبْطَحُ

وَحَلَلْتُمُ قَتْلَ الأَسَارَى وَطَالَمَا ... غَدَوْناَ عَلَى الأُسَرَاءِ نَعْفُو وَنَصْفَحُ

وَحَسْبُكُمُ هَذَا التَّفَاوُتُ بَيْنَنَا ... وَكُلُّ إِنَاءٍ بِالَّذِي فِيهِ يَنْضَحُ


(١) في "وفيات الأعيان" (٢/ ٣٦٤): "تفتحون".