للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أياماً، قبل أن تقدم حليمة، وكانت قد أرضعت قبلَه حمزةَ بنَ عبد المطلب، وأرضعت بعدَه أبا سلمةَ بنَ عبد الأسد المخزومي، فحمزةُ عمُّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو سلمةَ أَخَوا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاع.

ثم قدمت حليمة إلى مكة، وكانت المراضع يقدمْنَ من البادية إلى مكة يطلبن أن يُرضعن الأطفال، فقدمت عِدَّةٌ منهن، ولم تجد حليمةُ طفلاً تأخذه غيرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يتيماً، فلذلك لم يرغبن في أخذه، فأخذته حليمةُ بنتُ أبي ذؤيبِ بنِ الحارث السعديةُ، وتسلَّمته من أمه آمنة، ومضت به إلى بلادها، وهي باديةُ بني سعد، فوجدت من الخير والبركة ما لم تعهده من قبل ذلك، ولما خرجت به حليمة إلى بلادها، قالت آمنة بنت وهب بن عبد مناف:

أُعِيذُهُ بِاللهِ ذِي الجَلالِ ... مِنْ شَرِّ مَا مَرَّ عَلَى الجِبَالِ

حَتَّى أَرَاهُ حَامِلَ الكلالِ ... وَيفْعَلُ العُرْفَ إلى الموَالي

وَغَيْرِهِمْ مِنْ حِشْوَةِ الرِّجَالِ (١)

يقال: من حشوة بني فلان - بكسر الحاء -؛ أي: من رذالتهم.

وبعد سنتين من مولده - صلى الله عليه وسلم -: ولد أبو بكر الصديق - صلى الله عليه وسلم -.

ثم قدمت به حليمةُ إلى مكة، وهي أحرصُ الناس على مكثه عندها، فقالت لأمه آمنة: لو تركتِ ابني عندي حتى يغلُظَ؛ فإني أخشى عليه وباءَ


(١) انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (١/ ١١١).