للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكة، ولم تزل بها حتى تركته معها، فأخذته، وعادت به إلى بلاد بني سعد، وبقي هناك.

ولما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين: كان يغدو مع أخيه وأخته في البُهْم قريبًا من الحي، فأتاه الملكان هناك، فشقا بطنه، واستخرجا عَلَقَة سوداء، فطرحاها، وغسلا بطنه بماء الثلج في طَسْت من ذهب.

قال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - في "مسنده" بسند متصل إلى عتبة بن عبد السلمي: إن رجلًا سأل رسول الله: كيف كان أولُ شأنك يا رسول الله؟ قال: "كانت حاضنتي من بني سعدِ بنِ بكر، فانطلقتُ أنا وابنٌ لها في بُهْم لنا، ولم نأخذْ معنا زادًا، فقلتُ: يا أخي! اذهبْ فأْتِنا بزادٍ من عندِ أُمِّنا، فانطلق أخي، ومكثتُ عندَ البُهْم، فأقبل طائرانِ أبيضانِ كأنهما نَسْران، فقال أحدُهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم، فأقبلا يَبْتَدِراني، فأخذاني فأضجعاني، وشَقَّا بطني، ثم استخرجا قلبي، وأخرجا منه عَلَقَتين سَوْدَاوينِ، فقالَ أحدُهما لصاحبه: ائتني بماءٍ وثلجٍ، فغسلا به جَوْفي، ثم قال: ائتني بماءِ بَرَدٍ، فغسلا به قلبي، ثم قال: ائتني بالسَّكِينة، فذراها في قلبي، وختما بين كتفيَّ بخاتمِ النبوة، وقال أحدُهما لصاحبه: اجعلْه في كِفَّة، واجعل الفًا من أمته في كِفَّة، فإذا أنا أنظرُ إلى الألفِ فوقي أُشْفِقُ أن يَخِرَّ عَلَيَّ بعضُهم. ثم قال: لو أن أمته وُزِنتَ به، لمال بهم، ثم انطلقا وتركاني، وقد فرقْتُ فَرَقا شديدًا، ثم انطلقتُ إلى أمي، فأخبرتها بالذي لقيتُه، فأشفقتْ عليَّ، فقالت: أعيذُك بالله، وحملتني على الرحل، وركبَتْ خلفي حتى بلغَتْ إلى أمي، فقالت: أَدَّيْتُ أمانتي وذِمَّتي،