للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو صاحبُ عَزَّة بنتِ جميل بن حفص، كان مغرمًا بها، وله معها حكايات ونوادر مشهورة.

وكان كُثيِّر بمصر، وعزة بالمدينة، فاشتاق إليها، وسافر نحوها، فلقيها في الطريق وهي متوجِّهة إلى مصر، وجرى بينهما كلام، ثم انفصلت عنه وقدمت مصر، فعاد كُثير إلى مصر، فوافاها والناس منصرفون من جنازتها، فأتى قبرَها، وأناخ راحلته، وسكت ساعة، ثم رحل وهو ينشد أبياتًا، منها:

أَقُولُ وَنِضْوِي وَاقِفٌ عِنْدَ قَبْرِهَا ... عَلَيْكِ سَلَامُ اللهِ وَالعَيْنُ تَسْفَحُ

وَقَدْ كُنْتُ أَبْكِي مِنْ فِرَاقِكِ حَيَّةً ... فَأَنْتِ لَعَمْرِي اليَوْمَ أَنْأَى وَأَنْزَحُ

وتوفي كُثيِّر في سنة خمس ومئة، وكان موت عكرمةَ مولى ابن عباس وكُثيِّر في يوم واحد بالمدينة، فقال الناس: مات أفقهُ الناس، وأشعر الناس.

وكُثَيِّر: تصغير كَثِير، وإنما صُغِّر؛ لأنه كان حقيرًا شديدَ القِصَر، وكان إذا دخل على عبد الملك بن مروان، يقول له: طأطِ رأسك لئلَّا يؤذيك السّقف، يمازحه بذلك، وكان يلقب: زب الذباب، وكان طوله قريبًا من الثلاثة أشبار.

* * *