للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومن هؤلاء من يشتغل بتحقيق الكتب، وقد تتبعنا دفاع هؤلاء فوجدناه يأخذ سبيل التدليس تارة، وأخرى يلجؤون إلى أسلوب الطعن في أهل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم وقفنا على جُمَّاع دفاعهم فوجدناه ينحصر فيما يلي:
١ - منهم من يقول: إن علماء الحديث الشريف طعنوا جميعًا في أبي حنيفة من باب الحقد والحسد! ! !
٢ - ومنهم من قال: إن أهل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم وبين أهل الآراء والهوى عداوة وبغضاء من قديم.
٣ - ثم خرج علينا ثالث، مستغلًا انصراف الناس عن البحث والعلم يقول: ولم يتكلم في الإمام (كذا) أبي حنيفة سوى الدارقطني والنسائي.
وباختصار نقول: كان بالإمكان أن نحيل الباحث عن الحق على كتب علماء الحديث، وجميعها قالت في أبي حنيفة القول الفصل. ولكن لا مانع من أن نتحدث سريعًا عن النقاط الثلاث المذكورة.
١ - فمن ناحية الحقد والحسد، فقد يقع الحسد بين عالم وعالم، بين رجل له مئة ألف حديث مثلًا وآخر له نفس العدد أو يقاربه. ولكن هل يتصور إنسان أكرمه الله بعقل سليم أن يحقد محمد بن إسماعل البخاري، الرجل الذي جمع صحيحه من ستمئة ألف حديث كان يحفظها. البخاري: صاحب التاريخ الكبير والأوسط والصغير. هل يحقد، ويحسد أبا حنيفة الذي كل بضاعته كما فال ابن حبان، رحمة الله عيه: " ...... حَدَّث بمئة وثلاثين حديثًا مسانيد، ما له حديث في الدنيا غيرها، أخطأ منها في مئة وعشرين حديثًا، إما أن يكون أقلب إسناده، أو غير متنة من حيث لا يعلم، فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار ........ " المجروحون ٣/ ٦٣.
فهل يحسد أحمد بن حنبل، وسفيان بن عيينة، وأيوب، وجميع أهل الحديث أبا حنيفة على الأحاديث المئة والثلاثين التي لم يحسن إسنادها ولا متنها، ثم أين كتبه، وأين علمه حتى يحسدها عليها أهل الحديث، وهل موقفه هذا يُحسد عليه. لقد كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث، يعرف عللها ورجالها وموقوفها ومرفوعها كما يحفظ أحدنا اسمه. فهل يحقد، يحسد أحمد بن حنبل أبا حنيفة، على عشرة أحاديث كان يعرفها بالكاد؟ ! !
٢ - أما وجود العداوة والبغضاء بين أهل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أهل الرأي والهوى، فهذه حقيقة يجب أن تكون في أهل الحديث ضد كل إنسان تسول له نفسه رد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيه، أو برأي غيره. بل بهذا أمرهم الله عز وجل.
٣ - أما هذا المسكين الذي كتب أنه ما تكلم في أبي حنيفة إلا اثنان من المتأخرين. الدارقطني والنسائي! ! لقد كتب ذلك وهو يعلم أن جميع أهل الحديث طعنوا في إمامه، ولكي يقف القارئ الباحث على حقيقة الأمر البائن فعليه أن يراجع كل كتاب في الضعفاء والمتروكين والمتهمين بوضع الحديث، ثم يقوم بجمع أسماء وأئمة الحديث الذين قالوا كلمة الحق في أبي حنيفة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>