حولته في الرق. وكتبت حديثًا لأبي الأسود في الرق، وما أحسن حديثه عن ابن لَهيعة. فقلت له: يقولون سماعٌ قديمٌ وسماعٌ حديثٌ؟ فقال لي: ليس من هذا شيء، ابن لهيعة صحيح الكتاب، كان أخرج كتبه فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاءً، فمن ضبط كان حديثُه حسنًا صحيحًا، إلا أنه كان يحضر من يضبط ويحسن، ويحضر قوم يكتبون ولا يضبطون ولا يصححون، وآخرون نظارة، وآخرون سمعوا مع آخرين، ثم لم يُخرج ابن لَهيعة بعد ذلك كتابًا ولم يُرَ له كتابٌ، وكان من أراد السماع منه ذهب فاستنسخ ممن كتبَ عنه، وجاء به فقرأه عليه، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيحٌ، ومن كتب من نسخة لم تُضْبَطْ جاء فيه خللٌ كثيرٌ، ثم ذهب قومٌ فكل من روى عنه عن عطاء بن أبي رباح فإنه سمع من عطاء، وروى عن رجل، وعن رجلين، وعن ثلاثة عن عطاء. فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء. "المعرفة والتاريخ" ٢/ ٤٣٤.
وقال يعقوب بن سُفيان أيضًا: وكنتُ كتبت عن ابن رُمح كتابًا عن ابن لَهيعة، وكان فيه نحو ما وصف أحمد (١). فقال: هذا وقع على رجل ضبط إملاء ابن لَهيعة. فقلت له في حديث ابن لَهيعة. قال: لم تعرف مذهبي في الرجال، إني أذهب إلى أنه لا يُترك حديثُ مُحَدِّثٍ حتى يُجْمِعَ أهلُ مِصْرِهِ على ترك حديثه. "المعرفة والتاريخ" ٢/ ٤٣٥.
وقال يعقوب أيضًا: حدثني ابن بُكير. قال: حدثنا إبراهيم بن صالح. قال: قلتُ لابن لَهيعة: كيف سمعت من الأعرج، ولم يسمع منه الليث؟ قال: قدم الأعرجُ فنزل على جعفر بن ربيعة. قال: وكنت أكف له حتى أشتري له الشعير بالدراهم. قال: وكان يشنف الليث وعَمرو بن الحارث. فقال لي: إني أريد أن أسمع شيئًا. وقال: وحتى تسمعه ولا تخبر به أحدًا. قال: فسمعنا من الأعرج وخرج إلى الإسكندرية. وتحدث الناس بذلك فقالوا: الأعرج بن هرمز بالإسكندرية. "المعرفة والتاريخ" ٢/ ٤٤٢.
(١) أحمد، هو ابن صالح المصري. "تهذيب الكمال" ١٥/ ٤٩٧.