والأمر كذلك بالنسبة للاتصال والانقطاع، فلا يكفي معرفة سماع الراوي ممن فوقه، بل لا بد أن يترجح سماعه ذلك الحديث بعينه منه.
واتضح مما تقدم أن الغرض من المقارنة، والبحث عن طرق وروايات أخرى للحديث، ليس تقوية الحديث فقط، كما هو مترسخ في أذهان كثير من الباحثين، فيرددون في مقدمات بحوثهم العبارة التالية أو نحوها: فإن كان الإسناد صحيحا اكتفيت به، وإن كان حسنا أو ضعيفا بحثت له عن متابعات وشواهد لتقويته، فهذه عبارة تومئ إلى خلل في منهج البحث، إذ لا يصح أصلا أن يكون غرض الباحث هو التفتيش عما يرفع الضعف، ويجبره، فإن هذه تعد نتيجة قصدها الباحث، كان لها أثرها في حرص كثير من الباحثين على رفع درجة الحديث بالمتابعات والشواهد، فوق أنها تومئ إلى فهم ناقص للغرض الذي من أجله نحتاج إلى جمع الطرق والشواهد، وأحاديث الباب، يضاف إلى ذلك إغفالها أمورا أخرى لا بد من عرض الحديث عليها.
فالباحث إذن وهو يجمع طرق الحديث وشواهده، وما يلزم النظر فيه، لا يصح أن يكون غرضه محددا، فغرضه الصحيح هو انتظار النتيجة المناسبة في النهاية، وليس البحث عنها، ولو كان هناك نتيجة يصح البحث عنها مسبقا لكانت بضد ما في أذهان هؤلاء الباحثين، ألا وهي البحث عما يضعف الحديث، لأسباب ليس هذا موضع شرحها، ويهمنا منها هنا كلام أئمة النقد، كما في قول عبدالرحمن بن مهدي: «لأن أعرف علة حديث هو عندي، أحب إلي من أن