فوق المدار الأساس، فلم نطالبه بما تركه الأولون؟ خاصة وأنكم تقولون بضرورة تجزئة مسائل العلم، فليس من المناسب أن يتعرض الباحث لكل شيء في كل مكان.
وهذا التساؤل هام جدا، والجواب عنه بمثابة الاعتذار عما أطالب به الباحث هنا.
وخلاصة الجواب أن الاختلاف إن كان ورد عنده في حديث ساقه في معرض الاستدلال به، كما يفعل الباحثون في كتبهم ورسائلهم المتعلقة بالحديث الموضوعي, فيجمع أحاديث موضوع معين، ويدرس هذه الأحاديث من جهة صحتها وضعفها، ثم من جهة الاستنباط منها - فهذا لا مناص له عن التعرض للإسناد بعد المدار، والنظر في الطرق العالية، وذلك لأن غرضه الوصول إلى الحكم النهائي على الحديث كله، ولا يمكنه ذلك إلا بالتعرض لما فوق المدار، وهذا عرف جرى عليه الباحثون في عصرنا, ألزمتهم به الأقسام العلمية في الجامعات، وأما النقاد الأولون فلا ينصون على أحكامهم على كل حديث بعينه، سواء كان في الإسناد اختلاف، أو لم يكن، استغناء بسوق الإسناد نفسه، أو اعتمادا على ما شرطه المؤلف على نفسه، في مقدمة كتابه، ونحو ذلك، وكذلك الاختلافات، قد يتعرض الإمام لاختلاف على مدار في باب من أبواب كتابه، ثم يتعرض لأعلى منه في مكان آخر.
أما اليوم فالعرف قد اختلف، فالباحثون ألزموا أنفسهم بالنص على حكم كل حديث، سواء كان فيه اختلاف أو لم يكن، فهم مطالبون إذن بالنظر في