أعباء كثيرة على الباحثين، فالوصول إلى المعلومة جزء أولي من مهمة الباحث، والجهد الأكبر هو في التعامل مع هذه المعلومة، وسهولة الوصول إلى طرق الأحاديث وسع جدا من دائرة نظر الباحث، وزاد من أعبائه، فالتعامل مع طرق الأحاديث -قبل النظر فيها من جهة قواعد الحكم على الحديث- هو بحد ذاته فن يحتاج إلى دربة ومران، وسيأتي لذلك فصل خاص به، وهو الفصل الثالث من هذا الباب.
ثم على الباحث أن يستحضر أيضا سعة مصادر طرق الأحاديث وتنوعها، فمن المحتمل جدا أن يفوت الباحث شيء من أسانيد حديثه، رغم وجود ذلك فيما وصل إلينا من كتب ومؤلفات، فعليه أولا أن يلتمس العذر لغيره ممن فاته شيء من ذلك، ثم هو يكون سريع الاستحضار لأحاديثه التي يبحث فيها، فإذا وقف على طريق -ولو بعد حين- ألحقه بمكانه، واستفاد منه، فهكذا كان نقاد المرويات، يسير نقدها في عروقهم، وهي شغلهم الشاغل، كما قال علي بن المديني:«ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة»(١).
الأمر الثاني: تبين من عرض مصادر طرق الأحاديث سعة دائرة هذه المصادر، وتنوعها، بما لا يمكن الإحاطة به، فإذا ضممنا إلى ذلك حال هذه المصادر، من جهة روايتها عن مؤلفيها، وأن الكتاب الواحد مثل «صحيح البخاري»، و «سنن أبي داود»، و «سنن النسائي الكبرى»، يكون له عدة روايات عن مؤلفه.