للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو حاتم عن هذا الاختلاف: «سمعت أبا صالح كاتب الليث، قال: قال الليث بن سعد: كان قرأ سعيد علي هذه الأحاديث، فشككت في بعضها، فأعدتها عن خالد بن يزيد (يعني عن سعيد)» (١).

ومما يدل على حفظه للوجهين أن يكون ثقة ثبتا لم يوصف بالاضطراب، ويبعد أن يقع منه هذا، ويكون مع هذا واسع الرواية، لا يستغرب منه تعدد الشيوخ والأسانيد للحديث الواحد، مثل الزهري، وقتادة، وأبي إسحاق السبيعي، وغيرهم، فإن النقاد كثيرا ما يستدلون بهذا على قرب احتمال أن يكون المدار حفظ الوجهين، وقد تقدم لهذا أمثلة في المبحث الأول من الفصل الثاني من هذا الباب، حيث ذكرته هناك من الأدلة على أن الاختلاف هو من المدار، وليس من الرواة عنه، فلسنا بحاجة إلى الترجيح والموازنة بينهم، فيستخدم هذا الدليل هنا حين النظر في الوجهين من المدار فمن فوقه، لبيان قرب حفظ المدار للوجهين.

ومن أمثلة ذلك أيضا أن الزهري يروي حديث النهي عن لبستين، وعن بيعتين، وقد اختلف عليه فيه على أوجه، أشهرها ثلاثة: الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبي سعيد الخدري، والزهري, عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد، والزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن أبي سعيد، إلا أن رواية عبيدالله بن عبدالله اقتصر فيها على اللبستين، وقد صححه النقاد من هذه الأوجه الثلاثة، وما ذاك إلا لشأن الزهري، وجلالته، وأنه يرويه عن الثلاثة


(١) «علل ابن أبي حاتم» ١: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>