للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا يتأتى له إلا لو كان مخرج الحديث مختلفا، فأما والسند واحد متحد، فلا ريب في أنه حديث واحد اختلف لفظه، فتكون رواية وهب بن جرير شاذة بالنسبة إلى ألفاظ بقية الرواة، لاتفاقهم دونه على اللفظ الأول، لأنه يبعد كل البعد أن يكون أبو هريرة رضي الله عنه سمعه باللفظين، ثم نقل عنه ذلك فلم يذكره العلاء لأحد من رواته على كثرتهم إلا لشعبة، ثم لم يذكره شعبة لأحد من رواته على كثرتهم إلا لوهب بن جرير» (١).

وفي حال عدم وجود متابعات لأحد الوجهين, يستعيض الناظر في الاختلاف عن ذلك بالطبقة, فإذا كان مدار الاختلاف عالي الطبقة كالتابعين, أمكن أن يقال بحفظ الوجهين, كالوصل والإرسال, والرفع والوقف, وأن الراوي قد ينشط وقد يفتر, إذا كانت القرائن تساعد على ذلك, ومثله في زيادات الألفاظ, يترجح قبولها إذا كانت الزيادة على مدار عالي الطبقة.

أما إذا وقع ذلك والمدار نازل الطبقة, في الثالثة وما دونها, فيضعف حفظ الوجهين, أو حفظ الزيادات في المتون, وكلما نزلت طبقة المدار زاد استبعاد ذلك.

ووجه ما تقدم أن الرواية في الزمن المتأخر عن عصر الصحابة, وعصر التابعين, صارت مقصودة لذاتها, لها قواعدها وأحكامها, والشيخ يقصد من أجل الرواية, وربما سمع بعض أصحابه منه الحديث الواحد عدة مرات،


(١) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٨٠٦، وقد وقع مثل هذا التغيير في حديث عبادة بن الصامت: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، انظر: «تنقيح التحقيق» ١: ٣٧٠، ورسالة «صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - للألباني عرض ومناقشة» لسامي الخليل ص ١٢٣ - ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>