شريطة أن يكون راسخ الإيمان بالمهمة المنوطة به، محتفلا بها، مدركا لعظمها، مستشعرا لحاجته إلى الكثير من التدرب والممارسة ليقوم بها، قد تقرر لديه طبيعة هذه المهمة وحدودها، وأنها النيابة عن أئمة النقد، وتتميم الجهد العظيم الذي قاموا به، والابتعاد عن المناهج المخطئة في التعامل مع تفرد الراوي، التي أدت إلى تصحيح وتحسين مئات الأحاديث المنكرة الباطلة، ونسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زورا وبهتانا.
ومن المناسب هنا أن أذكر الباحث بشيء من المهام المنوطة به فيما يتعلق بالتفرد.
فمن هذه المهام:
- جمع كلام النقاد من المصادر المتفرقة، وهي -كما تقدم إيضاح ذلك- من الكثرة والتنوع بمكان، ويشمل الجمع ما كان من كلامهم صريحا، وما كان إيماء وإشارة، وما استدل عليه بالتصرف، وما كان في الحديث المعين، أو في عموم أحاديث الراوي، أو في درجته هو، والتمعن في كلام الناقد، وتحديد مراده بالتفرد، هل هو مطلق أو نسبي؟ .
- تصنيف أقوال النقاد، من كان منهم يذهب إلى التضعيف والرد بهذا التفرد، ومن كان منهم يقبله، ومن توقف في ذلك أو تردد، أو جاء عنه قولان متعارضان، وما يتبع ذلك من تقرير وجود إجماع على الرد، أو القبول، أو وجود اختلاف، وتحديد درجة هذا الاختلاف، هل هو قوي أو ضعيف؟ .