للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تكون الطرق إلى المدار في حيز القبول، غير أن الناظر في الاختلاف لم يتمكن من ترجيح شيء منها، فيتوقف، وقد تقدم في المبحث الرابع من الفصل الثالث الحديث عن تعارض القرائن والمرجحات في الاختلاف الواحد، وأن ذلك يعرض للنقاد الكبار، فيترددون في الترجيح، وقد يرجح الناقد مرة وجها، ومرة وجها آخر، وهو بالنسبة للباحث أمر بالغ الصعوبة، كما شرحته هناك.

فإذا وصل الحال بالناظر في الاختلاف إلى تكافؤ القرائن فلا بد أن يتوقف في الحكم، فيقول مثلا: ولم يتبين لي أي الوجهين هو المحفوظ, أو عندي توقف في الراجح منهما، كما يقول الناقد إذا سئل عنهما: لا أدري، أو يحتمل هذا وهذا.

وإذا توقف الناظر في الاختلاف عن الترجيح صار الحديث مضطربا، وأعل الوجهان جميعا بهذا كما قال العلائي: «إذا كان رجال الإسنادين متكافئين في الحفظ أو العدد، أو كان من أسنده أو رفعه دون من أرسله أو وقفه في شيء من ذلك، مع أن كلهم ثقات ... ، فالذي يسلكه كثير من أهل الحديث

-بل غالبهم- جعل ذلك علة مانعة من الحكم بصحة الحديث مطلقا، فيرجعون إلى الترجيح لإحدى الروايتين على الأخرى، فمتى اعتضدت إحدى الطريقتين بشيء من وجوه الترجيح حكموا لها، وإلا توقفوا عن الحديث، وعللوه بذلك» (١).


(١) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٧١٢, ٧٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>