للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما استنكارهم لأحاديث يتفرد بها الثقة ومن في حكمه فهو أيضا ليس بالقليل، بل هو كثير جدا، خاصة فيمن ينزل عن رتبة الثقة قليلا، وإن لم يكن في حجم وضخامة النوع الأول، وهو أمر بدهي، إذ لو كان بحجمه لما كان هؤلاء الرواة ثقات، فكثرة المناكير في حديث الراوي مسقط له.

ومن الأمثلة على استنكارهم ما يتفرد به الثقة ومن في حكمه ما رواه عبدالله بن أحمد قال: «قال أبي: قال أبو خيثمة: أنكر يحيى بن سعيد، ومعاذ، حديث حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم محرما صائما»، قال أبي: أنكراه على الأنصاري محمد بن عبدالله» (١).

ونقل نحو هذا عن أحمد أيضا مهنا بن يحيى، قال: «سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم»، فقال: ليس بصحيح، وقد أنكره يحيى بن سعيد [على] الأنصاري» (٢).

ونقل الأثرم عن أحمد سبب خطأ الأنصاري، قال: «سمعت أبا عبدالله ذكر الحديث الذي رواه الأنصاري، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون، عن ابن عباس ... ، فضعفه، وقال: كانت ذهبت للأنصاري كتب، فكان بعد يحدث من كتب غلامه أبي حكيم -أراه-، قال: فكأن هذا من تلك» (٣).


(١) «العلل ومعرفة الرجال» ٢: ٢٨.
(٢) «مجموع فتاوى ابن تيمية» ٢٥: ٢٥٢، وما بين المعكوفين زيادة لا بد منها.
(٣) «تاريخ بغداد» ٥: ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>