استخدم الأئمة في عصر النقد للموازنة والنظر حين يقع اختلاف بين الرواة في إسناد الحديث أو متنه قرائن كثيرة جدا يصعب حصرها، ولا سيما من باحث واحد، فالسبيل إلى ذلك أن تتضافر الجهود، وأن يحرص كل باحث اشتغل بالنظر في أحكام النقاد وتطبيقاتهم على تقييد ما يمر به من هذه القرائن والحصيلة النهائية الإلمام بهذه القرائن، أو بأكثرها.
وفي هذا الفصل كتبت ما وقفت عليه من هذه القرائن، ملتزما في ذلك شرطا مهما أكرره دائما، وهو أن القرينة لا تعد قرينة حتى ينص الناقد على استخدامها، لا أن تكون مستنبطة من كلامه، فمتى وقفنا على نص لناقد يصرح فيه باستخدامها، وأنها السبب فيما حكم به - صح لنا أن نعدها قرينة، وصح لنا أيضا أن نتلمَّسها في أحكامهم التي لم ينصوا فيها على علة الحكم، وأن نستخدمها نحن أيضا في دراستنا للاختلاف، وكل ذلك بحذر شديد ورويَّة.
وقد بدا لي أن هذه القرائن تنقسم في الجملة أربعة أقسام: الأول: في الرواة المختلف عليهم، والثاني: في الرواة المختلفين، والثالث: في صفة الرواية في الاختلاف، والرابع: المتابعات للمدار ومن فوقه، وعلى هذا الأساس سيكون هذا الفصل في أربعة مباحث.