وهذا الجواب فيه قوة، لكن الذي يظهر لي أنه لا بد من قرينة تدل على أن الناقل مستروح للرأي الذي نقله عن شيخه، أو من تقدمه، لكي تصح نسبته إليه، وإلا فالأصل أنه مجرد ناقل.
والباحث حين يعتمد على إشارة الناقد في الصور السابقة يجمل به أن يوضح الأمر الذي اعتمد عليه، لئلا يظن القارئ أن الناقد صرح بذلك، فيقول الباحث مثلا: وهذا قول ابن معين -فيما يظهر-، فإنه سئل عن هذا الاختلاف، فأجاب بأن فلانا أحفظ، أو يقول الباحث: وهذا قول يحيى القطان، نص عليه، وكذا أحمد -فيما يظهر-، فقد نقل قول القطان حين سأله ابنه عبدالله عن هذا الاختلاف ... ، وهكذا.
ويغتفر للباحث أن يدرج الناقد مع غيره من النقاد، إذا كثروا، وصار الترجيح ظاهرا، كأن يقول: وإلى هذا ذهب ابن المديني، وأحمد، وأبو حاتم، والعقيلي، وابن عدي، مع أن العقيلي لم ينص على هذا الرأي، لكن الباحث استنبط رأيه من نقله لقول ابن المديني.
ومما تستفاد منه آراء النقاد -بالإضافة إلى التصريح، والإشارة- ما يعرف بتصرفات النقاد في مصنفاتهم، وذلك في مصنفات لم توضع في الأساس للنقد، وإنما وضعت لجمع السنة، وربما الاستنباط منها أيضا، مثل الكتب الستة، و «صحيح ابن خزيمة»، و «شعب الإيمان» للبيهقي، ففيها أحاديث كثيرة جدا مما وقع فيه اختلاف، ولا إشكال فيما صرح به المؤلف من اختياره، كأن يقول: هذا