للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى أن تصنيف أصحاب الراوي، وبيان منزلة كل منهم في شيخه، جزء من جرح الرواة وتعديلهم، غير أنه من قضايا الجرح والتعديل الدقيقة، بل هو أدقها، إذ يلاحظ فيه درجة الراوي في نفسه، ثم درجته في شيخه، ثم مقارنته بغيره في ذلك الشيخ.

والنظر في أحكام النقاد على الرواة جرحا وتعديلا له ضوابط، تقدم الحديث عنها بشكل مفصل في «الجرح والتعديل»، وهذه الضوابط تدور حول أربعة أمور: ثبوت النص، وسلامته، وقائله، ودلالته، وشرحت هناك ما يتعلق بموضوعنا هنا: تصنيف الرواة في شيخهم، وضوابطه (١).

الخامس: هناك نوع من تصنيف أصحاب الراوي يكون سببه الراوي نفسه، فالراوي له أحوال مختلفة قوة وضعفا، فمن روى عنه في حال قوته فله مرتبة، ومن روى عنه في حال ضعفه له مرتبة أخرى، وذلك مثل أن يكون اختلط في آخر عمره، أو ساء حفظه، أو كان يوثق في كتابه، ويضعف في حفظه، أو يوثق في رواية أهل بلد عنه لكونه ضبط حين حدثهم، ويضعف في رواية أهل بلد آخر عنه لكونه لم يضبط، أو يكون مدلسا ومن أصحابه من لا يأخذ عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث، فيتم تصنيف الرواة عنه بحسب أحواله.

فهذا التصنيف لا ينبغي أن يختلط على الدارس للحديث الذي وقع فيه الاختلاف بالتصنيف للرواة على أساس مراتبهم في أنفسهم في شيخهم، وهو


(١) «الجرح والتعديل» ص ٤٣٨ - ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>