الاختلاف لم يكن في الاختلاف الأول، وربما ترجح حفظ أكثر من وجه كلها لم تكن في الاختلاف الأول، وربما لم يصح شيء منها ألبتة.
ثم الاختلاف فوق طبقة المدار قد يقع في طبقة واحدة، وقد يوجد أيضا في طبقة فوقها أو أكثر.
والأئمة النقاد لا يغفلون شيئا من هذا، لكن لا يلزم -كما تقدم شرح ذلك في المبحث الأول- أن يكون نظرهم في جميع هذه الاختلافات في سياق واحد في مكان واحد، فهم يتكلمون في كل مكان بحسبه، فقد يحكم الناقد في اختلاف على مدار، وفوقه اختلافات سكت عنها هنا، وتكلم عليها -هو أو غيره- في مناسبة أخرى.
وأول ما يبدأ به الباحث من الاختلافات العليا ما استفاد منه حين نظره في الاختلاف على مداره، فقد يكون أكد ترجيحه للوجه الراجح بمتابعة للمدار أو من فوقه عليه، ويكون في هذه المتابعة نفسها مخالفة للوجه الراجح من جهة أخرى، فالاستعانة بهذه المتابعة تم وفق ما يعرف بالترجيح بالقدر المشترك، وقد مضى شرح ذلك في المبحث الأول من الفصل الثالث من هذا الباب.
ومن أمثلة ذلك حديث عمر بن الخطاب:«لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا، خير له من أن يمتلئ شعرا»، وقد تقدم هناك بيان الاختلاف فيه على إسماعيل بن أبي خالد، حيث قيل عنه، عن عمرو بن حريث، عن عمر مرفوعا، وقيل عنه، عن عمرو بن حريث , عن عمر موقوفا، والراجح عن إسماعيل وقف الحديث، وتأيد الوجه الراجح برواية عبدالملك بن عمير، عن عمرو بن حريث، عن سعيد