والاستفادة من القدر المشترك في كلام النقاد لا تنحصر في كلامهم على الاختلاف، وما يتعلق به، فتوجد أيضا في الجرح والتعديل، إذ قد يتفق النقاد على ضعف راو، ولكن يختلفون في سبب ضعفه، فمنهم من يعزو ذلك إلى أحاديث منكرة تفرد بها، ومنهم من يعزوه إلى قبوله التلقين، ومنهم من يعزوه إلى كثرة مخالفته للثقات، وقد ينفي بعض النقاد عن الراوي ما ذكره ناقد آخر، لكن ضعف الراوي متفق عليه بينهم.
وكذلك في التضعيف المقيد، يتفق النقاد على ضعف ونكارة رواية أهل بلد عن راو، أو رواية راو عن أهل بلد، ثم يختلفون في تحميل العهدة، كما وقع في زهير بن محمد الخراساني، ورواية الشاميين عنه، فمن النقاد من حمل العهدة زهيرا، وأنه حدث هناك من حفظه، ومنهم من قال إن أهل الشام أخطؤوا عليه، ومنهم من أبدى احتمالا أن يكون غيره، قلب أهل الشام اسمه، وقد تقدم هذا في موضعه (١).
ومن ذلك أيضا ما تقدم في الباب الثاني، وهو المتعلق بالتفرد، فالنقاد قد يستنكرون أحاديث تفرد بها راو عن شيخه، ثم يختلفون في تحميل عهدة النكارة، كما في رواية عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، أو يتفقون على تحميل راو عهدة الخطأ في التفرد، ولكن يختلفون في مصدر الخطأ، أي: ما هو أصل الحديث الذي أخطأ فيه الراوي، أو يختلفون في سبب وقوع الراوي في الخطأ.