مر بنا في الفصل الأول من الباب الأول أن الأحاديث تختلف في عدد طرقها، فربما وقف الباحث على طريق آخر يصله بأول راو عنده في إسناده الأصل، أو أكثر من طريق، وكذلك في الراوي الثاني، والثالث، إلى صحابي الحديث، وقد يتخلف ذلك كله أو بعضه، فقد لا يقف على طريق آخر مطلقا، وقد يقف على طريق يصله بالراوي الأول فقط، أو بأحد الرواة فوقه، على ما تم شرحه هناك.
وأي راو من رواة الإسناد الأصل لا يوقف على من يتابعه في الرواية عن شيخه يقال عنه إنه تفرد برواية هذا الحديث عنه، فإن لم يوقف على متابع لشيخه، أو من فوقه حتى الصحابي، فهذا هو الذي يعرف عند أهل الحديث بالتفرد المطلق، أو الغرابة المطلقة، بمعنى أن الحديث ليس له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوى هذا الطريق، وإن وقف على متابع لشيخه، أو من فوقه حتى الصحابي، فهذا هو التفرد النسبي، أو الغرابة النسبية، ومعناه أن الراوي قد تفرد بالرواية عن شيخه، لكن الحديث له طريق آخر يلتقي بشيخ الشيخ، أو بمن فوقه، ومحل شرح هذا وتوضيحه في كتب مصطلح الحديث (١).
وقضية التفرد قضية ضخمة جدا في باب نقد المرويات، ابتدأ الاهتمام بها
(١) انظر: «سنن الترمذي» ٥: ٧٥٨ - ٧٦٣، و «مقدمة ابن الصلاح» ص ١٩٢، و «شرح علل الترمذي» ٢: ٦٢٥ - ٦٥٢، و «فتح المغيث» ١: ٢٥٣ - ٢٥٧.