للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخالفا فيه اجتهاد من مَثَّل بالحديث، إذ المقصود بالمثال إيضاح المصطلح، وهو حاصل بالحديث الذي تم التمثيل به وفق اجتهاد من ذكره، فلا يصح النقض عليه باجتهاد غيره، وإلا لم يسلم مثال لأحد، لا في الاضطراب ولا في غيره، إذ يتطلب سلامة المثال أن لا يخالف فيه أحد، وهذا أمر متعذر (١).

وقد مثل ابن الصلاح -ووافقه العراقي، وغيره- للمضطرب بحديث أبي هريرة مرفوعا في سترة المصلي: «إذا لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخط خطا» (٢).

واعترض على ابن الصلاح جماعة ممن جاء بعده -ومنهم ابن حجر- بأن الجمع ممكن، وقال ابن حجر في نهاية كلامه: «ومع ذلك كله فالطرق التي ذكرها ابن الصلاح، ثم شيخنا، قابلة لترجيح بعضها على بعض، والراجحة منها يمكن التوفيق بينها، فينتفي الاضطراب أصلا ورأسا».

ثم استعاض ابن حجر عن هذا المثال بالحديث المشهور، حديث أبي بكر: «أراك شبت يا رسول الله ... »، وساق عددا من أوجه الاختلاف فيه (٣).

فاجتهاد ابن حجر في ترجيح وجه من وجوه الاختلاف في حديث أبي هريرة, واعتراضه -بناء على ذلك- على التمثيل به لا يسلم له، لسببين:


(١) انظر مثالا حكم عليه أبو حاتم بالاضطراب، ورجح فيه أبو زرعة في «علل ابن أبي حاتم» (٢٣٧٤)، (٢٤١٦).
(٢) «مقدمة ابن الصلاح» ص ٢٠٥، و «التقييد والإيضاح» ص ١٢٢، و «محاسن الاصطلاح» ص ٢٠٥.
(٣) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ص ٧٧٢ - ٧٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>