وبغض النظر عن تسامح الباحث في نقد إسناد حديث ابن عمر، إذ هو لا يصح, فقوله عن الحديث الذي معه إنه صحيح لغيره هو موضع الإشكال هنا، إن كان يعني بالحديث الوجه المرفوع, فهذا الوجه قد انتهى بترجيح الوجهين الموقوفين عليه, فلا يصح أن يعضد بغيره بعد ذلك، وإن كان يعني بالحديث الموقوف ففيه إشكال أيضا من جهة أخرى.
ورب قائل يقول: الذي نعرفه أن ما لا يقبل الاعتضاد هو الإسناد إذا كان ضعفه شديدا، وهو أن يكون أحد رواته متروك الحديث، أو دون ذلك، فعلى كلامك هنا يستوي ما هذه صفته، وما رواه ثقة خالفه غيره، وترجح قول المخالف، فما توجيه هذا؟
وتوجيهه أن يقال إن قصر الضعف الذي لا يصلح للاعتضاد على رواية المتروك هو أساس المشكلة، وهو أحد مداخل الضعف الواسعة التي أدت إلى كثرة تصحيح وتحسين الأحاديث الضعيفة، فالراوي إذا تفرد بحديث ولو لم يخالف، واستنكر النقاد حديثه هذا لم يعد صالحا للاعتضاد، بالنسبة لنا، لأنه منكر، ولو ذهبنا نعضده فمقتضاه أننا رفعنا عنه النكارة، والحال أنها باقية، يستوي في ذلك الراوي الثقة، ومن دونه، فإذا خالف غيره وترجح رواية الغير فكذلك لا يصح لنا أن نعود فنعضده، لأن الحال أن روايته مرجوحة، وأنها خطأ، فإذا عدنا وقويناها نقضنا الحكم الأول, وحكمنا بصوابه مرة أخرى.
وههنا أمر آخر، وهو أن الراوي المتروك قد يكون دليل الحكم عليه بأنه متروك الحديث هو كثرة مخالفته للثقات، وقد تقدم في «الجرح والتعديل» أن من