الباحث روايته, وعلى هذا فرواية محمد بن مسلم يصرف النظر عنها تماما, فلا يستشهد بها, ولا يشهد لها غيرها.
ثم إن الباحث وقع في أمر تقدم التنبيه عليه في المبحث الرابع من الفصل الثاني من هذا الباب, وهو أن أي رواية فوق المدار يعضد بها أحد الأوجه لا بد من دراستها وكأنها الرواية الأساس مع الباحث, فرواية أبي الزبير، عن جابر, قد اختلف فيها على أبي الزبير رفعا ووقفا, وقد أشار الباحث إلى ذلك في تخريجها، لكنه لم يتعرض للاختلاف بالدراسة, ولم يصل إلى نتيجة فيه, ولا بد من ذلك, فهو اختلاف قوي, وقد رجح جماعة من النقاد -ومنهم البخاري- وقفه أيضا على جابر من هذا الطريق, وسيأتي قريبا في الكلام على الوجه الراجح شرح ذلك.
وتعرض أحد الباحثين للاختلاف الواقع على الزهري في حديث أبي هريرة: «يوشك أقصى مسالح المسلمين أن يكون سلاح»، وقد اختلف فيه على الزهري في إسناده, وفي وقفه ورفعه, كما سيأتي شرح ذلك في المبحث الثالث.
وانتهى الباحث إلى ترجيح وجهين موقوفين على أبي هريرة, وتضعيف المرفوع, وأحد الموقوفين رجاله ثقات, ثم قال: «وقد جاء مرفوعا من غير طريق الزهري»، ثم ذكر أن أبا داود, والحاكم، أخرجاه من طريق ابن وهب, عن جرير بن حازم, عن عبيدالله بن عمر, عن نافع, عن ابن عمر مرفوعا, وأن الحاكم صححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي (١)، ثم قال الباحث: «وعليه يمكن القول بأن الحديث الذي معنا صحيح لغيره».
(١) «المستدرك» ٤: ٥١١, وأما أبو داود فلم يخرجه.