للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

جهد الباحث وعلاقته بكلام النقاد

الناظر في الفصول السابقة المتعلقة بقضية اختلاف الرواة يدرك بسهولة سعة هذا العلم، وتشعبه، وحاجة الباحث إلى مزيد من الجهد والمثابرة، حين يواجه ذلك، وبالتجربة فكل حديث يتعرض له الباحث يظهر أمامه من مسائل هذا العلم ما لم يظهر في الحديث الآخر، فهذا حديث تبين أن الاختلاف فيه سببه المدار، لسعة روايته، أو لاضطرابه في هذا الحديث، أو لاضطرابه في عموم روايته، وهذا حديث تبين أن الاختلاف فيه سببه رواة أحد الأوجه، فبعضها خطأ، وهذا حديث ظهر فيه أن الأوجه كلها لا تصح، وهذا حديث يحتمل عدة آراء، ودلائل ذلك كله قد تكون ظاهرة متعاضدة، وقد تكون خفية، بل قد تكون متعارضة.

والذي يوصى به الباحث في كل الأحوال أن لا يحاول السير لوحده، فهو مرتبط -شاء أم أبى- بأئمة النقد، كما تقدم التنبيه عليه في أكثر من مناسبة، وهو هنا يبرز بقوة، إذ تقدم في الفصل الرابع من الباب الأول، ما توافر للنقاد من وسائل النظر والموازنة، مما لا يمكن للباحث المتأخر أن يستخدمه، يضاف إلى ذلك أن ما نشاركهم فيه من وسائل النظر والموازنة هم أقرب إلى تطبيقه على وجهه الصحيح.

وقد جرى التأكيد على هذه القضية في مناسبات عديدة, ويأتي الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>