ومن الجوانب كذلك أن جماعة من الرواة اشتهر عنهم التصرف في متن الحديث، إما بالاختصار، أو بروايته على المعنى، وقد تقدم في نهاية المبحث الذي قبل مبحثنا هذا ذكر بعضهم وأسباب فعلهم هذا، فإذا خالف من عرف عنه هذا غيره في متن الحديث فالقول قول مخالفه، وتكون قرينة على خطئه.
وقد تقدم في المبحث الأول من الفصل الأول أمثلة كثيرة على الرواية بالمعنى, ومن الأمثلة أيضا أن سليمان بن حرب روى عن شعبة، عن القاسم بن مهران، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا كان أحدكم في صلاته فلا يبزقن عن يمينه، ولا عن يساره، ولا بين يديه، ولكن تحت قدمه اليسرى ... ».
قال ابن أبي حاتم:«أخطأ سليمان بن حرب فيما روى من متن هذا الحديث، بأن لا يبزق عن يساره، فقد حدثنا أبي، عن أبي الوليد، وآدم العسقلاني، عن شعبة، عن القاسم بن مهران، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يبزق بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره تحت قدمه» هكذا متن حديث أبي الوليد، وآدم، عن شعبة ... »، ثم ذكر رواية هشيم للحديث عن القاسم بن مهران كذلك (١).
(١) «علل ابن أبي حاتم» ١: ١٩١، وقد رواه أيضا جماعة آخرون عن شعبة كرواية أبي الوليد، وآدم، ورواه أيضا إسماعيل بن علية، وعبدالوارث بن سعيد، عن القاسم بن مهران، انظر: «صحيح مسلم» حديث (٥٥٠)، و «سنن النسائي» حديث (٣٠٨)، و «سنن ابن ماجه» حديث (١٠٢٢)، و «مسند أحمد» ٢: ٢٥٠، ٤١٥، و «مستخرج أبي عوانة» ١: ٤٠٣، و «سنن البيهقي» ٢: ٢٩١.