للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدسي ما فيهما من الغرائب المطلقة فبلغ بها مئتي حديث (١)، فضلا عن الغرائب النسبية.

وهذان الاتجاهان في موقف النقاد من التفرد لا يتعارضان، فالنهي عن كتابة الغرائب إنما ذلك ما يأتي عن الضعفاء، ومن دونهم، قال أبو زرعة، وقد سأله البرذعي، عن هيصم بن شداخ -وقد اتهمه أبو زرعة- هل يخرج حديث وأمثاله في «الفوائد»، وذكر له بعض ما يرويه عن الأعمش، فقال أبو زرعة: «يخرج مثل ابن إسحاق، مثل الحكم بن عبدالملك، أما حديث باطل مثل هذا: الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله ... » (٢).

والأمر كما قال الخطيب: «والغرائب التي كره العلماء الاشتغال بها، وقطع الأوقات في طلبها، إنما هي ما حكم أهل المعرفة ببطوله، لكون رواته ممن يضع الحديث، أو يدعي السماع، فأما ما استغرب لتفرد راويه به، وهو من أهل الصدق والأمانة، فذلك يلزم كتبه، ويجب سماعه وحفظه» (٣).

وكتابة النقاد لأحاديث غرائب عمن يجوزون الكتابة عنه لا يعني صحة تلك الأحاديث، فالناقد حين الكتابة يغلب عليه كونه راويا، لا يلزم أن يكون ما كتبه كله صوابا عنده، فقد يكون يراه صوابا، وقد يكون يراه خطأ، أو يتبين له


(١) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ١: ٣٦٨.
(٢) «أسئلة البرذعي لأبي زرعة» ٢: ٥٠٢.
(٣) «الجامع لأخلاق الراوي» ٢: ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>