للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو منهج كبار أئمة النقد، مثل (الشاذ)، و (المعلل)، و (المدرج)، و (المقلوب)، و (المزيد في متصل الأسانيد)، وغيرها، إذ هذه الأبواب قائمة على أحاديث الثقات، وإلا فقدت روحها ومضمونها، لأن أحاديث الضعفاء ضعفت بداية بسببهم.

والخلاصة أنه لأجل هذين الأمرين -عدم الدقة في تحرير منهج أئمة النقد، وانتشار مذهب الفقهاء والأصوليين- توارد جمع من الأئمة المتأخرين على شرح وإيضاح منهج وطريقة الأئمة المتقدمين أئمة النقد، والتأكيد على شرح موقفهم من الاختلاف, خاصة ما يتعلق بزيادات الثقات، فقال ابن دقيق العيد: «من حكى عن أهل الحديث -أو أكثرهم- أنه إذا تعارض رواية مرسل ومسند، أو واقف ورافع، أو ناقص وزائد، أن الحكم للزائد، فلم يصب في هذا الإطلاق، فإن ذلك ليس قانونا مطردا، وبمراجعة أحكامهم الجزئية يعرف صواب ما نقول» (١).

وقال ابن تيمية حين ذكر معارضة حديث للقرآن: «مع أن حذاق أهل الحديث يثبتون علة هذا الحديث من غير هذه الجهة، وأن راويه فلانا غلط فيه، لأمور يذكرونها، وهذا الذي يسمى: معرفة علل الحديث، يكون الحديث إسناده في الظاهر جيدا، ولكن عرف من طريق آخر أن راويه غلط فرفعه وهو موقوف، أو أسنده وهو مرسل، أو دخل عليه حديث في حديث، وهذا فن شريف، وكان يحيى بن سعيد الأنصاري (كذا في النسخة، وصوابه: القطان)، ثم صاحبه علي بن المديني، ثم البخاري، من أعلم الناس به، وكذلك الإمام أحمد، وأبو حاتم،


(١) «شرح الإلمام» ١: ٢٧، وانظر: «النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر ٢: ٦٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>