والثاني: الأسانيد المعلقة، وهي التي يحذف المؤلف بعض إسناده، وذلك من أول الإسناد، فيسقط شيخه، أو شيخه وشيخ شيخه، وقد يسقط أكثر من ذلك.
والتعليق بدأ مبكرا، منذ عصر الرواية الأول، فالصحابي إذا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو لم يسمعه، يكون قد علق الإسناد، وكذلك التابعي، وإذا قال تابع التابعي: قال ابن عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو أيضا تعليق، غير أن هذا كان عندهم داخلا في مسمى الإرسال، إذ كان الإرسال يشمل كل سقط في الإسناد.
ومصطلح التعليق استخدم فيما بعد، أطلق على صنيع المصنفين، كالبخاري مثلا، فالأسانيد التي يحذف منها البخاري شيخه، أو يحذف معه شيخ شيخه -أو يزيد على ذلك- سموه تعليقا، وشمل ذلك ما حذف منه المصنف جميع الإسناد، كأن يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قالت عائشة، أو قال ابن عباس.
والتعليق موجود في كثير من مصادر السنة، مثل «صحيح البخاري»، و «صحيح مسلم»، و «سنن أبي داود»، و «سنن الترمذي»، وغيرها، على تفاوت بينها في القلة والكثرة، فمثلا يكثر ذلك في «صحيح البخاري»، و «سنن أبي داود»، و «سنن الترمذي»، على حين أنه قليل جدا يعد على الأصابع في «صحيح مسلم».
وهم يفعلون ذلك في الغالب للاختصار، فإذا ساق طريقا مسندا أو أكثر، قد يتبعه بروايات معلقة، يقصد بها شد ذلك الإسناد وتقويته، أو بيان تصريح بالتحديث، أو زيادة في اللفظ، أو مخالفة لبعض رواة الإسناد الذي ساقه، ولو ساق جميع ذلك مسندا لطال كتابه، وقد يعلق ابتداء، فلا يسوق طريقا مسندا