يفوق من حيث الحاجة إلى الوقت والجهد والحيز ما يحتاج إليه النظر في مداره الأساس.
ومما يزيد ما تقدم وضوحا أن الباحث يلزم نفسه أو يلزمه غيره بأمر آخر، خارج الاختلاف أصلا، هو ضروري للوصول إلى درجة نهائية للحديث، وهو النظر في المتابعات والشواهد، فيكتب الباحث هذا الشرط، غير مدرك لعواقبه، ولهذا قل من يفي به، إذ معناه أن الباحث إذا فرغ تماما من الاختلافات الواردة في إسناده ذهب يحضر متابعات الإسناد، وقد يكون في بعض هذه المتابعات اختلافات أيضا، وربما كانت فوق ما عنده من حيث الوعورة والدقة، فهو بين خيارين، إما أن يذهب فيتتبعها، ويشرحها، ويعمل نظره فيها، فيطيل جدا في الحديث، ويخرج عن مقصوده، وإما أن يمر عليها سريعا غير محكم لها، وهذه أعظم.
مثال ذلك أن يكون عند الباحث إسناد مرجعه إلى أبي صالح، عن أبي هريرة، وقد اختلف على أبي صالح، أو على من دونه في وصل الحديث، وإرساله، ثم يحضر الباحث متابعات لهذا الإسناد عن أبي هريرة، كأن يروى عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فيجد الباحث اختلافا على محمد بن عمرو، على وجهين كذلك، أو أكثر، وهكذا في سلسلة لا تنقطع أحيانا.
وقل مثل ذلك -أو زد عليه- في الشواهد.
والخلاصة أن الباحث حين يقصد الحكم على الحديث كله فإنه ملزم بتتبع الطرق فوق مداره, وإن وجد فيها اختلافا لزمه النظر فيه.