ما هو صواب، وتخطئة ما هو خطأ، فاحتمال خطأ الباحث هنا ضعيف, لا سيما وأنه سيتكئ على قول ناقد أو أكثر.
وينصح الباحث هنا -إذا أكثر من التطبيق والممارسة لهذا النوع- أن لا يغيب عنه قدر نفسه، وأن يكون متوازنا في عباراته وجمله التي يعبر بها عن اختياره، فالعلم لم ينته هنا، ولو انتهى هنا لصرنا كلنا أئمة من نقاد الحديث وصيارفته.
وفي هذا النوع من الاختلافات جانب آخر يتعلق بالباحث المتأخر أيضا، فهو مجال لإنعام النظر والتأمل, يظهر به الفرق جليا بين منهج أئمة الحديث ونقاده ومنهج الفقهاء والأصوليين الذي عرف فيما بعد بمنهج المتأخرين، لأن كثيرا من المشتغلين بالحديث من المتأخرين تأثروا به، إما كليا أو جزئيا، وطبقوه في تعاملهم مع الاختلاف.
وقد مضى الحديث مفصلا عن هذه القضية من حيث هي في الفصل الأول من هذا الباب، وأشير هنا إلى بعض الأمثلة التي توضح الفرق بين المنهجين.
فمن ذلك الحديث الماضي في أول مبحثنا هذا، وهو حديث عبيدالله بن عمرو الرقي، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أنس في القراءة خلف الإمام.
تقدم هناك أن عددا كبيرا من النقاد تواردوا على تخطئة عبيدالله بن عمرو في ذكر أنس، فأيوب إنما يرويه عن أبي قلابة مرسلا، وسأل خالد الحذاء أبا قلابة عمن سمع منه هذا الحديث, فقال: محمد بن أبي عائشة, مولى لبني أمية ... الخ.
وأما ابن حبان فأخرج الموصول بذكر أنس في مكانين، ثم قال في الموضع