فكل هذه الاختلافات غير مؤثرة إطلاقا على أصل ما اتفقوا عليه.
ويجدر التنبيه إلى أن القدر المشترك والاستفادة منه لا يختص بكلام النقاد، بل يوجد فيما هو أهم منه، وهم الرواة أنفسهم، فيستفاد من القدر المشترك بين رواياتهم، وقد تقدم هذا في مناسبتين، إحداهما في مبحث خاص بالقدر المشترك، والاستفادة منه في الترجيح بين الأوجه، وهو المبحث الأول من الفصل الثالث من هذا الباب، والثانية في الاستفادة من القدر المشترك بين الوجه الصواب، والوجه الخطأ، وهذا في المبحث الثاني من الفصل الرابع من هذا الباب.
وقد ظهر لي أن قضية القدر المشترك موجودة بقوة في مجال نقد المرويات، وهي بحاجة إلى من يخصها بدراسة مستقلة، يوضحها ويتتبع تطبيقاتها.
الأمر الثالث: يتأنى الباحث كثيرا حين يريد نقل نص ناقد في الاختلاف، ويحذر من أن ينسب قولا لغير قائله، ويوصى الباحث بالتدقيق والنظر في سياق النص، خشية أن يقع في الخطأ، فيجمع بين تقويل أحد قولا لم يصدر عنه، وتفويت نسبة قول لصاحبه بنسبته لغيره، وقد يكون أمكن في هذا العلم، أو أقدم طبقة.
ولا سبيل إلى تفادي الوقوع في الخطأ إلا بالتدقيق والتأني، والبعد عن الاستعجال، وأيضا التعرف على طبيعة المصادر، وخصائص كل منها.
فهناك بعض المصادر يروي التلميذ جل مادته عن شيخ له، لكنه يورد فيه أيضا عن شيوخ آخرين كلاما، أو يروي عمن تقدمه من غير طريق شيخه، كما في «العلل ومعرفة الرجال» لأحمد، رواية ابنه عبدالله، فعبدالله يروي جله عن والده،