يقوم الناظر في الحديث الذي وقع فيه اختلاف بإنعام النظر في صفة رواية كل وجه من وجوه الاختلاف فوق المدار، فربما يقف على قرائن تساعده في الموازنة والنظر، يضمها إلى ما وجده من قرائن في المدار نفسه، وفي الرواة المختلفين.
والمتأمل في صنيع النقاد يراهم استخدموا قرائن كثيرة في صفة الرواية، سأجتهد في عرضها بأمثلتها التوضيحية، على الطريقة السابقة في المبحثين اللذين قبل هذا، وهي ضم النظير إلى النظير، وإجمال ما يمكن إجماله في قرينة واحدة، تحتها قرائن فرعية تعود إليها، ما أمكن ذلك، والقرائن في صفة الأوجه إجمالا ترجع إلى ثلاث قرائن، وهي:
[القرينة الأولى: السهولة والوعورة]
إذا اختلف الرواة على شيخهم، ورأى الناظر أن أحد الوجهين أسهل في الحفظ من الوجه الآخر، فإن رواية من روى الوجه السهل تعد مرجوحة، ورواية من روى الوجه الذي فيه وعورة راجحة، فوعورة الإسناد تدل على ضبط الراوي وحفظه، واعتنائه بروايته، وأما السهولة فعكس ذلك.
وهذه قرينة ضخمة جدا في باب الموازنة بين الروايات حين وقوع الاختلاف، يكثر استخدامها عند النقاد، وتتفرع فروعا كثيرة، كلها ترجع إلى هذا الأصل