والخلاصة مما تقدم أن على الباحث أن يدقق جيدا في الأسانيد التي يقع فيها عطف، ليتأكد من الإسناد وصفته، ويدقق كذلك في الأسانيد التي يرتاب فيها أن يكون فيها عطف سقطت أداته.
سادسا: يقع الاختلاف كثيرا بين الرواة إما في إسناد حديث أو في متنه، فإذا أراد المصنف أن يبين ويفصل رواية هذا من رواية هذا فعل ذلك وهو يسوق الإسناد، فيضع في وسط الإسناد ما يعرف بالجملة المعترضة، وربما أخر بيان ذلك في ختام الرواية، وهذا كثير جدا، فليزم الباحث التدقيق في سياق المؤلف للإسناد، والتأني في قراءته، والحرص على أن لا يفوته شيء ذكره المؤلف لاحقا.
ومن أمثلة ذلك قول أحمد:«حدثنا أبو معاوية، ووكيع -المعنى-، قالا: حدثنا الأعمش، عن مجاهد، قال وكيع: سمعت مجاهدا يحدث عن طاوس، عن ابن عباس، قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبرين ... »(١).
فقوله:«حدثنا أبو معاوية، ووكيع -المعنى-»، هذا قول أحمد، ومراده أن الروايتين بمعنى واحد، رواية أبي معاوية ورواية وكيع، وهي كلمة تتردد كثيرا في المصادر، عند أحمد، وأبي داود، وغيرهما, وربما غلط فيها بعض الباحثين، فظنها نسبة للراوي.
وقوله:«قال وكيع: سمعت مجاهدا يحدث عن طاوس، عن ابن عباس»، هذه الجملة لو أخذناها على ظاهرها لكان وكيع يروي عن مجاهد، وهو لم يدرك