للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشكال كبير، غير أن المتأمل في هذه القرائن يجدها تؤول إلى قرينة: درجات أصحاب الرواة، فمردها إليها، وعلتها واحدة، فالسبب في تقديم رواية أهل بيت الراوي، أو أهل بلده، يعود إلى قضية طول الملازمة، والخصوصية، وهذه إحدى الركائز الأساس في تصنيف أصحاب الراوي بصفة عامة -كما تقدم-.

وقد كان الأئمة النقاد يهتمون كثيرا عند تصنيف أصحاب الراوي بقضية اختلاف البلد، فينصون على الغرباء منهم، وربما خصوا هؤلاء بتصنيف، وهؤلاء بتصنيف، كما فعل ابن المديني، ومسلم، في تصنيف أصحاب شعبة، فالثقات من أصحابه البصريين لهم تصنيف، والثقات الغرباء من أصحابه لهم تصنيف (١).

ولا شك أن كون الراوي من أهل بلد شيخه أدعى إلى طول الملازمة، وتكرار السماع، والمراجعة، كما في قول ابن معين: «كان إذا قدم -يعني أيوب- من الحج قال لهم: خذوا عني قبل أن يتفلت مني -حديث نافع، والمشايخ المدنيين- وأما حديث أهل مصره: هشام، وابن عون، فكان لا يبالي» (٢).

الثالث: كلام النقاد في تصنيف أصحاب الراوي قد لا يتيسر في كل الرواة الذين يقع الاختلاف بينهم، وقد يتيسر في بعضهم دون بعض، إما لأن النقاد لم يصنفوهم أصلا، أو لأن تصنيفهم لم يصل إلينا، فإذا قلنا إن تصنيف أصحاب


(١) انظر كتاب: «معرفة أصحاب شعبة» لمحمد التركي، وقد أشار في ثنايا الكتاب إلى أن مسلما تابع لابن المديني في هذا التصنيف، ينظر مثلا ص ١٢٠، ١٧٧.
(٢) «معرفة الرجال» ٢: ٢٣٧, وهكذا النص فيه «هشام, وابن عون»، وهما من أقران أيوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>