شرح ذلك -إن شاء الله تعالى- حين الوصول إلى الفصل الخاص بعرض التخريج والدراسة، وزاد الأمر وعورة كثرة هذه الاختلافات وتشعبها أحيانا.
والخلاصة أن الناظر في الحديث ملزم بتصفية رواة كل وجه من وجوه الاختلاف، وذلك بالنظر في الطرق إليهم، وفي الاختلافات الواقعة عليهم أو على من دونهم التي يطلق عليها اصطلاحا: الاختلافات النازلة.
وقد تقدم في المبحث الثالث من الفصل الذي قبل هذا في القرينة الثالثة (الثبات والاضطراب عند رواة الاختلاف) أمثلة على طريقة التصفية لرواة الأوجه، في قضية ترجيح رواية راو على آخر بأنه ثبت ولم يضطرب، والآخر اضطرب في روايته, فروى الحديث على أوجه مختلفة، وتقدم أنه لا بد من التأكد من صحة أكثر من وجه واحد عنه، ليحكم بالاضطراب، فقد لا يصح عنه إلا وجه واحد، فلا يحكم عليه بالاضطراب، وهذه هي التصفية.
وسأسوق الآن زيادة أمثلة من عمل النقاد، وأمثلة أخرى، توضح ما سبق.
فمن ذلك ما تقدم في المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذا الباب, وهو ما رواه الجماعة من أصحاب عبيدالله بن عمر، ومنهم يحيى القطان، وسفيان بن عيينة، وعبدالله بن نمير، وحفص بن غياث، وغيرهم، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا حديث ما يلبسه المحرم من الثياب، وفي آخره:«ولا تلبسوا شيئا مسه الورس والزعفران».
ورواه أبو معاوية الضرير, عن عبيدالله بن عمر، وزاد على الجملة السابقة في آخرها:«إلا أن يكون غسيلا».