للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراوي أثناء نقله من مرحلة إلى أخرى، وقد يتعمد هو التغيير، بأن يختصر الإسناد أو المتن، وقد يقطع المتن الواحد، وذلك لحاجته إلى الاختصار حين التصنيف، أو حين يكتب أطرافا يحدث بها، وقد قال الخلال في أبي بكر بن أبي شيبة في سياق كلامه على اختصار الحديث: «وابن أبي شيبة في مصنفاته يختصر مثل هذا الاختصار المخل بالمعنى» (١).

والخلاصة -من كل ما تقدم- أن الباحث كما هو مطالب بأن لا يثقل نظره في الحديث باختلاف صوري، حقيقته من أخطاء النساخ والطابعين، هو مطالب أيضا بأن لا يغفل اختلافا، ويفرغ منه على أنه من أخطائهم، وليس هو كذلك.

وفيما أرى أن هذه القضية بحاجة إلى من يتصدى لها بخصوصها، فيوسعها بحثا، ويكثر من ضرب الأمثلة لها، ويحاول استنباط قواعد تعين الباحثين، فقد اكتفيت هنا بالإشارة إليها، لا يحتمل المقام أكثر من ذلك، وهي تتعلق بعملين جليلين بينهما صلة قوية، عمل الناظر في الأسانيد واختلافها، وعمل محقق لكتاب من كتب التراث، بل هي عند التدقيق يحتاجها كل باحث وإن لم يكن ينظر في الأسانيد، كما يحتاجها كل محقق لكتاب، وإن لم تكن فيه أسانيد.

الثالث: إذا بذل الباحث جهده في معالجة مخالفة في مصدر، ففي الغالب سيظهر له ترجيح في المسألة، فإما أن يعده خطأ في النسخة، ويعتمد ذلك، ولا يلحقه بالاختلاف بين الرواة، وإما أن يعده اختلافا من جهة الرواية، ويطبق


(١) «فتح الباري» لابن رجب ٢: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>