للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم بالاضطراب، فهذا اجتهاد ناقد، وهذا اجتهاد ناقد آخر، وأيضا ميل أبي حاتم إلى الوجه الذي ذكره بعد إلحاح ابنه لا يلغي حكمه بالاضطراب، فهو ترجيح فيه لين، لم يصل إلى درجة الظن الغالب، كما يظهر من السياق، ويؤكده أن ابنه سأله مرتين أخريين عن حديث صدقة بن يزيد، عن العلاء بن عبدالرحمن، فاستنكره، وذكر حديث العلاء بن المسيب، وأنه الصواب، وفي الأولى منها قال: «إنما هو: العلاء بن المسيب، عن يونس بن خباب، عن أبي سعيد، مرسلا مرفوعا» (١).

وقال في الثانية منهما: «إنما هو كما رواه خلف بن خليفة، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من يقفه» (٢).

فهذه ثلاثة آراء لأبي حاتم في الوجه الذي يرجح أنه المحفوظ, مما يؤكد أن حكمه بالاضطراب لا يزال باقيا، وهو ما ذهب إليه الدارقطني، فإنه قال بعد أن ذكر عددا من أوجه الاختلاف: «ولا يصح منها شيء» (٣).

والغرض من تقرير ما تقدم يتعلق بـ (مصطلح الحديث)، في قضية هامة جدا، تحدثت عنها بشيء من الإيضاح في بحث خاص عن تدريس هذه المادة، وأكتفي هنا بالإشارة إليها، فخلاصتها أن التمثيل لمصطلح من المصطلحات لا يصح الاعتراض عليه إذا كان الاعتراض منصرفا إلى اجتهاد المعترض،


(١) «علل ابن أبي حاتم» ١: ٢٦٨.
(٢) «علل ابن أبي حاتم» ١: ٢٩٠.
(٣) «العلل» ١١: ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>