قال ابن القيم بعد أن نقل شيئا من هذا عن شعبة، وذكر توثيق عبدالملك، محررا قول من ذهب إلى تقوية الحديث:«لم يتكلم فيه أحد قط إلا شعبة، وتكلم فيه من أجل هذا الحديث، وهو كلام باطل، فإنه إذا لم يضعفه إلا من أجل هذا الحديث كان ذلك دورا باطلا، فإنه لا يثبت ضعف الحديث حتى يثبت ضعف عبدالملك، فلا يجوز أن يستفاد ضعفه من ضعف الحديث الذي لم يعلم ضعفه إلا من جهة عبدالملك، ولم يعلم ضعف عبدالملك إلا بالحديث، وهذا محال من الكلام»(١).
وهذا التقرير من ابن القيم لا يحسن أن يعول عليه، ولا اعتراض على شعبة فيما ذهب إليه، فهو متمش مع منهج النقاد كلهم، وهو المنهج الذي لا يصح غيره، وقول ابن القيم في إثبات الدور في كلام شعبة:«فإنه لا يثبت ضعف الحديث حتى يثبت ضعف عبدالملك ... »، قول منتقد، فالحديث يثبت ضعفه عند النقاد بقرائن والراوي لا يزال ثقة، وإنما يضعف الراوي بتكرر وقوع هذا منه، وهو ما ألمح إليه شعبة، فإذا لم يتكرر منه بما يوجب ضعفه بقي هو على ثقته، وبقي حديثه المنكر على نكارته، وقد يعظم الخطأ الواحد في عين ناقد فيجرح به الراوي.
وقضية تأثير الخطأ والمنكر على الراوي نفسه قضية دقيقة جدا، ينظر فيها لنوع الخطأ والنكارة، ولهذا نجد في كلام النقاد أحيانا كلمات تشير إلى تفاوت النكارة، وأنها على درجات، بحسب الشيخ الذي تفرد الراوي عنه، والمتن الذي