المدار النازل، يجب عليه النظر فيه والوصول إلى رأي راجح فيه، وما يترجح لديه من هذا الاختلاف يعتمده في نظره في الاختلاف العالي الذي هو أساس عنده، ويستخدم في نظره في الاختلافات النازلة القرائن التي تقدمت في الفصل الذي قبل هذا, المتعلقة بالراوي المختلف عليه، وبالرواة المختلفين، وكذلك المتعلقة بصفة الرواية، فيفعل في هذه الاختلافات كما يفعل في الاختلاف العالي الذي هو الأساس عنده.
والاختلاف النازل تارة يكون بصفة الاختلاف الأساس, فأحد رواة الاختلاف العالي أو من دونه جاءت عنه رواية أخرى على وجه آخر أو أكثر من أوجه الاختلاف الموجودة، وتارة يكون الاختلاف النازل مغايرا للاختلاف الأساس، فيأتي عن أحد رواة الاختلاف الأساس أو من دونه وجه آخر أو أكثر ليس من الأوجه الموجودة في الاختلاف العالي.
وتعد الاختلافات النازلة من أدق وأعسر ما يكون بالنسبة للباحثين, ويلاقي المشرفون على الرسائل العلمية شيئا من المشقة في تدريب الطلاب على طريقة صياغتها في التخريج, وكيفية التعامل معها.
وقد كان النقاد الأولون كابن أبي حاتم، والدارقطني, يذكرونها ويعالجونها على السجية، وأكثر الطرق يذكرونها معلقة مع وجودها عندهم مسندة اختصارا، لكونهم يخاطبون من هو في حكمهم، أما اليوم فالباحث ملزم بتخريجها والنظر فيها، وعرض ذلك بطريقة واحدة, أسهم في ذلك قيام الدراسات النظامية في الجامعات، واتباع مناهج البحث العلمي في العزو والترقيم والترتيب، وسيأتي