للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفرد به، مثل عثمان بن أبي شيبة، وأبي سلمة التبوذكي، وقالوا: هذا منكر ... » (١).

فقسم الذهبي في كلامه السابق الثقات قسمين، الثقات الحفاظ، وهم الذين عرفوا بالحفظ والإتقان، وندرة الخطأ، فهؤلاء يقبل تفرد التابعين منهم عن الصحابة، وتفرد تابعي التابعين عن التابعين.

والقسم الثاني الثقات، وهم جماعة يوصف الواحد منهم بأنه ثقة، لكنه ليس من الحفاظ المتقنين، وهم مع ذلك متوسطو المعرفة، أي المعرفة بنقد الحديث، فلا يؤمن أن يخطئ الواحد منهم، ولا يتنبه لذلك، فهؤلاء يقبل تفرد التابعين منهم عن الصحابة، ويتوقف فيما عدا ذلك.

فيلحظ أن الذهبي سبر عمل الأئمة في استنكار ما يتفرد به الثقة فوجدهم يراعون أمرين، الأول: قوة الراوي واشتهاره بالحفظ والضبط، فلا شك أن هذا يجبر ما يقع منه من تفرد، ومن هذا الباب قول مسلم: «للزهري نحو تسعين حرفا يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا يشاركه فيها أحد، بأسانيد جياد» (٢).

وكلام الذهبي يفهم منه أن تفرد الصدوق ونحوه لا إشكال في عده منكرا، وقد صرح الذهبي بذلك في مكان آخر، فقال: «إن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحا غريبا, وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرا» (٣).


(١) «الموقظة» ص ٧٧.
(٢) «صحيح مسلم» حديث (١٦٤٧)، وانظر: «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٦٧٢.
(٣) «ميزان الاعتدال» ٣: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>