للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يهمنا هنا ما يتعلق بنقد ما أورداه في كتابيهما، تصريحا، أو إشارة، أو تصرفا، فهذا موجود في الكتابين بكثرة، وما يوردانه من علل على أصل حديث عندهما، فالظاهر أن غرضهما أن تلك العلة غير مؤثرة، إما لرجحان الوجه التام، أو لترجيح حفظ الوجهين، فكأن مرادهما الإشارة إلى اطلاعهما على الاختلاف وأنه غير مؤثر أصلا، أو هو مؤثر على معنى نزول الحديث عن المرتبة العليا من الصحة، وليس مؤثرا على أصل الصحة، وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من هذا في الكلام على الوجه الراجح في المبحث الثاني من الفصل الرابع.

ومن ذلك أيضا حديث عمر بن أبي سلمة في قصة أكله مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرجه البخاري من طريق الوليد بن كثير، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، عن وهب بن كيسان، عن عمر بن أبي سلمة بالقصة، ثم ساق رواية مالك، عن وهب بن كيسان بالقصة مرسلة (١).

والكتابان موضوعان للحديث الصحيح، وما فيه علة توجب ضعفه قد تركاه ابتداء، ولهذا قال الترمذي في كلامه على الاختلاف على أبي إسحاق السبيعي، في تسمية من فوقه، في حديث عبدالله بن مسعود في الاستنجاء بالأحجار: «فسألت محمدا عن هذا الحديث، فقلت: أي الروايات عندك أصح في هذا الباب؟ فلم يقض فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير أصح، ووضع حديث زهير في


(١) «صحيح البخاري» حديث (٥٣٧٦ - ٥٣٧٨)، وانظر مثالا آخر في «صحيح البخاري» حديث (٢٣٥٩ - ٢٣٦٢)، (٢٧٠٨)، (٤٥٨٥)، و «العلل الكبير» ١: ٥٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>